Monday, August 27, 2007

شي غيفارا وابن لادن... وسؤال فيه نظر! -- د. محمد عابد الجابري

إن ما يجري في العالم اليوم ليس صراع حضارات وإنما هو صراع الحضارة الغربية مع نتاجها... وإن العولمة الرأسمالية الامبريالية التي لا وطن لها قد أفرزت نقيضها على صورتها...إذا كان لنا أن نبحث عن الإطار الوطني المحلي الذي خرجت من جوفه الجماعات الإسلامية التي تمارس السياسة بواسطة نوع من الحرب يطلق عليه اليوم بعضهم اسم (المقاومة) وبعضهم اسم (الإرهاب)، فإن هذا الإطار لن يكون شيئا آخر غير ذلك الذي حمل ويحمل اسم (جماعة الإخوان المسلمين)· هذا لا يعني أن جميع من انتمى أو ينتمي إلى هذه (الجماعة) قد اختار ممارسة السياسة بوسائل أخرى (العنف، الإرهاب...). كلا، لقد كان منهم من اختار ذلك لمقاومة الاحتلال الأجنبي (احتلال الإنجليز لقناة السويس مثلا) وكان منهم من اختار الدعوة السلمية وسبيل (الموعظة الحسنة) في مخاطبة المسلمين حكاما ومحكوما، ولكن كان منهم أيضا من عبر -في ظروف معينة وبعنف كلامي لا مزيد عليه- عن اليأس من جدوى هذه الطريق (سيد قطب في (معالم في الطريق))، فكان مرجعية لكثير من الجماعات الإسلامية المتطرفة المعاصرة .ونحن هنا لا نريد محاكمة هذا التيار أو ذاك من تيارات الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر، وإنما نريد أن نلتمس طريقا آخر بعيدا عن التحزب لفهم وتفهم الظروف الذاتية والموضوعية التي تدفع أو تساعد على الانزلاق نحو ممارسة السياسة بوسائل أخرى داخل المجتمع الحديث· ولا حاجة بنا إلى التذكير بما سبق أن قلناه بصدد العنف في التاريخ وفي التاريخ العربي الإسلامي، أعني كونه ظاهرة ملازمة للحياة الجمعية البشرية منذ أن كانت· ولكن لا بد من التنبيه إلى ضرورة استحضار ما هو من نصيب الموروث التاريخي الذي يسكن الذاكرة الجماعية ويتغذى منها ويتشكل بما يضيفه الخيال الاجتماعي إليه في كل عصر، من جهة، وما هو من نصيب معطيات الواقع المعيش، سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد العالمي، من جهة أخرى·والمسألة التي سيدور حولها هذا المقال هي التالية: ما الذي يجعل جمعية دينية تتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهو الذي يجعل السلم والسلام مبدءا وغاية، تنزلق -أو ينزلق بعض أفرادها- إلى ممارسة أعمال لا يقبلها العقل ولا الشرع، من قبيل محاولة التخلص من المخالفين والخصوم بواسطة العنف في أقصى مظاهره كالاغتيال مثلا؟ وبعبارة أخرى ما الذي يجعل الواحد من هذه الجماعة يخلط بين جريمة القتل العمد، الذي يذهب ضحيته بغير حق فرد أو أفراد، وبين فريضة الجهاد؟ الجواب المعتاد الذي تبرر به مثل هذه الأعمال من قبل مقترفيها هو (تغيير المنكر)، وقد سبق أن بحثنا هذا الموضوع وبينا رأي الفقهاء فيه، بمن فيهم الفقهاء الذين تعتمدهم هذه الجماعات مرجعية لها كالفقيه ابن تيمية وتلميذه ابن الجوزية · لقد سبق أن أبرزنا وجود إجماع بين الفقهاء على أن تغيير المنكر هو من شأن (الإمام) أي الدولة، وليس الأفراد أو الجماعات؛ وقد استند الفقهاء في ذلك إلى أن أهواء الأفراد والجماعات تختلف، فما هو منكر عند فرقة أو طائفة من المسلمين قد يكون مباحا أو واجبا عند طائفة أخرى، وهذا أمر واقع مشاهد· فلو أن الشيعة مثلا غيروا بأيديهم ما يعتقدونه (منكرا) في عقيدة أهل السنة، ولو أن أهل السنة فعلوا الشيء نفسه في الشيعة، لبقي المسلمون في حرب أهلية دائمة منذ حرب صفين، منذ أربعة عشر قرنا!هناك من يطرح المسألة من زاوية أن (تغيير المنكر) والغاية منه، في هذا المقام، له معنى آخر باعتبار أن الأمر يتعلق هنا بـمنكر خاص هو (المنكر السياسي) الذي يعني هنا عدم وجود إمام شرعي يتولى تطبيق الشريعة الإلهية، وبالتالي فالمقصود هو تغيير الحكم وإقامة (الحاكمية الإلهية)· وهذا في الحقيقة هو مضمون عبارة (الإسلام السياسي)· غير أن هذا التبرير الذي يبدو كأنه خاص بالجماعات الدينية هو في الحقيقة تبرير عام تعتمده جميع الحركات والجماعات التي تعمل من أجل تغيير حكم قائم من أجل إقامة حكم أفضل· فالعنف السياسي -الذي يستهدف تغيير الحكم بوسائل غير سياسية كالاغتيالات والتفجيرات وما أشبه ظاهرة عامة، والغاية منه واحدة، وهي تتراوح بين (إقامة جنة الله في الأرض)، خالية من المنكر···(الحركات التي تستند إلى الدين إسلاما كان أو غيره)، وبين تشييد (مجتمع فاضل)، بدون طبقات بدون قهر، خال من الظلم، يستغني عن الدولة··· إلخ ··· (الإيديولوجية الشيوعية)· أما الدوافع في الحالتين فهي بطبيعتها غير محددة وملتبسة، قد تكون دوافع ذاتية فردية أو جماعية كالثأر والتعصب المذهبي والإيديولوجي··· إلخ، وقد تكون حوافز موضوعية كاستفحال الفروق الاجتماعية واشتداد الصراع الطبقي··· إلخ، وقد تكون دوافع مختلطة ذاتية وموضوعية معا كما يحصل عندما يجد صاحب الدعوة الدينية أو الإيديولوجية نفسه في عنق الزجاجة، أو أمام جدار الرفض المطلق للدعوة وأصحابها··· وإذاً فالسؤال الذي طرحناه أعلاه بصيغة الخصوص (ما الذي يجعل (جمعية دينية)، تتمسك بالإسلام، عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهو الذي يجعل السلم والسلام

المصدر: الاتحاد ... العدد العدد 10320

Wednesday, July 25, 2007

الإنقاذ: 18 عاماً من المحاورة لا الحوار

عندما نزعت الإنقاذ القناع عن وجهها بعد أيام قلائل من تمكنها من الاستيلاء على مقاليد السلطة في السودان صبيحة الثلاثين من يونيو 1989، لم تهدر كثير وقت للإفصاح عن توجهها الفكري العقائدي، والأسس التي ستقيم عليها نظامها الجديد، فأعلنت بجلاء تام أنها ثورة تأصيل إسلامية تهدف إلى إعادة صياغة المجتمع السوداني وصبه في قالب إطاره الدين الإسلامي والتوجه العروبي. وبالتالي حسمت (من وجهة نظرها) مسألة صراع الهوية في السودان، وأجابت على التساؤل المشروع عن مصير غير المسلمين وغير العرب من السودانيين "الذين يشكلون نسبة لا يستهان بها" بأن سبيلها لاحتواء هؤلاء هو الأسلمة (Islamization) والعربنة (Arabization)، ووسيلتها لذلك الجهاد بحد السيف وكما قال أحد سدنتها (د. عبد الله سيد أحمد) "الخيل معقود بنواصيها الخير"، فجهزت الجيوش وأعلنت الجهاد وأنشأت الدفاع الشعبي وروافده من خدمة إلزامية ونظام عام ومنظمة شهيد ودمغة جريح،، إلخ، وباختصار عمدت إلى عسكرة المجتمع السوداني تأسيا وتيمنا بالسلف الصالح في صدر الإسلام وفتوحات الصحابة، دون إدراك أو تبصر لما آل عليه العالم بعد أربعة عشر قرناً من الزمان. وبفجاجة وتسطح لا نظير لهما بدأت ثورتها التأصيلية بتغيير أسماء الشوارع والحارات والقرى والنجوع، وصار الجنيه ديناراً، وهكذا.
بل امتدت يد التأصيل لتطال ألقاب لاعبي كرة القدم فعرفنا أن بريش هو عبد الله، وتنقا هو حسن، والثعلب هو جمال، ومازدا هو محمد،،، إلخ، وبلغ السخف مداه وشمل حتى اللغة المستخدمة في البيانات الرسمية فسمعنا والي الخرطوم يقول في بيان مذاع "من أراد أن تثكله أمه فليقفل متجره أو يرفض بيع عنزته" بخ بخ يا أخا العرب ابن عبد الفتاح العبسي، نحمد الله أنك لم تضف "فليطالعني خلف خور أب عنجة".
والحق يُقال، ويعلو ولا يُعلى عليه، لم تكتف الإنقاذ بهذه الشكليات بل عمدت فعلاً إلى تغيير بنية وتركيبة المجتمع السوداني وطرحت مشروعها الحضاري الذي يمثل ذروة سنام قدرات مفكريها، وهو مشروع يتلخص في إلغاء الآخر أو إلحاقه (وقد عبر لاحقاً عن ذلك عبد الرحيم حمدي بمثلثه العجيب).
وفي الذكرى الثامنة عشر للانقلاب دعونا نستعرض استعراضاً موضوعياً إنجازات وإخفاقات الإنقاذ، ولنبدأ بالإنجازات المزعومة:-
*- استخراج البترول: تفاخر الإنقاذ بما تعتبره تاج عزها، "وسبب بقائها حتى الآن"، ألا وهو النجاح في استخراج النفط واستغلاله وتصديره، بعد الاكتفاء ذاتياً من مشتقاته. وهذا أمر محمود ولا شك، ولن نبخس الناس أشياءهم، ولكن جهود استخراج النفط بدأت قبل الإنقاذ وأول من جد في هذا السبيل نظام مايو (واسألوا شريف التهامي ينبئكم الخبر اليقين)، ثم ساهمت أزمة الطاقة العالمية و عجز العرض عن مواجهة الطلب المتنامي بدخول الصين والهند حلبة المنافسة على استخراج واستهلاك النفط، وحلول الصراع على الموارد محل الحرب الباردة بدلاً عن الصراع الأيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، وبتلاقي المصالح (وعلى قاعدة إن المصائب يجمعن المصابينا) اتفقت الصين الملحدة مع دولة السودان الإسلامية المجاهدة، على استخراج النفط واستغلاله.
ولكن السؤال هو كيف تمت إدارة هذه العملية، وهل خضعت للشفافية والمساءلة، وهل استفاد منها المواطن السوداني العادي، وهل وُجِهت عائدات النفط لتحقيق التنمية وتحسين حياة الملايين من فقراء المدن والريف، أم أنها استخدمت لبناء الأبراج وتراكم الحسابات الدولارية لفئة محددة وشراء الأسلحة من السوق السوداء، والإجابة بلا شك معروفة للقاصي والداني.
*- ثورة التعليم: لا جدال في ازدياد أعداد المتعلمين بفتح المزيد من المدارس، ومع أن هذا هو الأمر الطبيعي الذي ينبغي عمله، إلا أن التخبط والعشوائية التي صاحبت عملية التوسع الأفقي في التعليم العالي ومؤسسات البحث العلمي، أدت إلى تدهور نوعيته تدهوراً خطيراً، فالأصل في التعليم العالي النوع وليس الكم، إذ لا يمكن أن نجادل بأن طبيباً نصف جاهل خير من لا طبيب، فالهدف من مؤسسات التعليم العالي هو إنتاج المعرفة (Production of knowledge) لمواكبة التطور والبحث العلمي الذي تستند عليه التنمية وعملية التطور بصفة عامة، وليس محو الأمية أو تخريج أنصاف متعلمين.
*- السلام: وهذا إدعاء كاذب، إذ لا يُعقل أن تؤجج الحرب في الجنوب لأكثر من خمسة عشر عاماً (1989-2005) وتحولها من تمرد ضد الدولة إلى حرب دينية وجهادية، ثم بعد الفشل عسكرياً وبعد الاستسلام بأفدح الأثمان تدعي بأنك حققت السلام، ولعله من نافلة القول بأن اتفاقية الميرغني/قرنق (نوفمبر 1988) والتي أتت الإنقاذ لوأدها، لم تذهب ما ذهبت إليه اتفاقية نيفاشا (حق تقرير المصير وخيار الانفصال). وذات الشيء ينطبق على اتفاقية أسمرة شرقاً، واتفاقية أبوجا غرباً. والأدهى والأمر أن الإنقاذ لا تستقيد أو تتعظ من تجاربها، فقد تشدددت وغلَبت العقلية العسكرية الأمنية عند خوضها حرب الجنوب، وتلكأت وتآمرت عند التفاوض، والآن تكرر ذات الأخطاء في دارفور، وتشددها سيقود إلى تصلب الطرف الآخر، لأن قوانين الطبيعة تقول "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الاتجاه"، وقد بدأت مشكلة الجنوب بالمطالبة باحترام الخصوصية الثقافية ثم تطور الطلب إلى الحكم الذاتي/الفيدرالي ثم الكونفيدرالية وانتهى الأمر إلى تقرير المصير وربما الانفصال، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في دارفور إذ ارتفعت مؤخراً أصوات تنادي بالانفصال وأن دارفور لم تكن جزءاً من السودان حتى عام 1916.
*- أما مشاريع التنمية والخدمات الأخرى مثل، سد مروي وملحقاته، وسد كجبار، وطرق؛ شريان الشمال، وشندي الخرطوم وعطبرة بورتسودان، فالحديث عنها يطول، ولنتذكر قول وزير الري الأسبق/ يحيي عبد المجيد، بأن تعلية خزان الروصيرص (بتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة بناء سد مروي) كان كافياً لأداء الغرض إذا كان الهدف هو ري الأرض وتوليد الطاقة، ونظرة خاطفة إلى التوزيع الجغرافي لهذه المشاريع، تشير إلى أن الغرض منها هو تنفيذ استراتيجية حمدي، خاصة والحديث الآن يدور جهاراً بضرورة تحالف أبناء الشمال النيلي والوسط (أولاد المصارين البُيض) لمواجهة هجمة أبناء الأطراف (ولا داعي لتوصيفهم)، ولعل هذا هو المنطق الذي يحاولون به إغراء الميرغني للتحالف مع المؤتمر الوطني، الذي سيرتكب خطيئة عمره إن رضي بأن يدفع فواتير الإنقاذ وخطاياها والوقوع في أحابيلهم مقابل منصب أو مال، فدهاقنة المؤتمر يعرفون تماماً ما فعلوه بالشعب السوداني، ويريدون توريط الجميع لأن الوزر ثقيل جداً عليهم وحدهم.
خلاصة أمر التنمية والخدمات، إنها واجب تقوم به كل الحكومات سواء كانت عسكرية أم مدنية، ديكتاتورية أم ديمقراطية، دينية أم علمانية (ولا شكر على واجب)، وقد فعلته كل الحكومات السابقة وتفعله كل حكومات العالم، ولكنه لا يشفع أمام الخطايا الكبيرة التي تضع مستقبل البلد كله، بل تضع وجوده، على كف عفاريت (وليس عفريتاً واحداً) ورهنه لإرادات خارجية تتداعى من كل صوب وحدب.
الآن، بعد أن فرغنا مما تعده الإنقاذ وشيعتها إنجازات، دعونا نُلقي نظرة سريعة على بعض خطاياها العديدة، لأن المجال لا يتسع لرصدها كلها في هذه العُجالة.
أولاُ:- تشريد العاملين فيما سُمي بالإحالة للصالح العام (والصالح العام براء) فهذا الإجراء يخالف كل الشرائع وقوانين حقوق الإنسان وآداب الخلاف السياسي، ويٌجافي كل الأعراف التي تقول "قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق"، ولعل الله رد كيد الإنقاذ في نحرها، فقد أدى التشفي وتصفية الحسابات السياسية إلى إضعاف جهاز الدولة الإداري والاقتصادي والفني والأمني، وعجز الموالون عن الارتقاء إلى متطلبات الوظائف التي مُنحت لهم دون حق أو تأهيل. وخير دليل دامغ على هذا العجز ما نشهده الآن من دمار بسبب السيول والأمطار التي تفاجئهم كل عام، مما جعل أحدهم يعلق ساخراً "للإنقاذ أربعة أعداء: أمريكا، والفصول الثلاثة"، ولعله من لطف الله أن فصول السودان ثلاثة وليست أربعة، إذ لا ربيع لنا!.
ثانياً:- تمزيق نسيج الوحدة الوطنية بتأجيج النعرات الجهوية والقبلية، وضرب التعايش والتسامح الديني الذي اشتهر به الشعب السوداني، وقد أدت محاولة القسر والتهميش إلى استقطاب حاد بدأته الجبهة الإسلامية (وجنينها المستنسخ المؤتمر الوطني) بالإستقواء على معارضيها بتمييز أعضائها المنتمين سياسيا ًوتنظيمياً، ثم تطور (أو تدهور) الأمر إلى تصنيف المواطنين حسب قبائلهم والجهات الجغرافية التي أتوا منها، وأصبحنا نسمع أن هذا الجهاز محتكر لفلان وقبيلته، وأن تلك الوزارة مقتصرة على علان وجماعته، مما عاد بالسودان القهقرى، مئات السنين إلى الوراء، واختصر دولة المشروع الحضاري التي كانت تتشدق بقيادة العالم إلى مشروع قزم كل همه البقاء في السلطة حتى ولو تقلص مداه إلى مثلث، أو دائرة قطرها لا يتعدى القصر الجمهوري.
ثالثاً: الفساد: وبدون الدخول في تفاصيل واتهامات وتداول القصص الأسطورية التي تتندر بها منتديات السُمار في العاصمة والأقاليم حول الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام بأثمان بخسة للمحاسيب والموالين، وبدون الرجوع إلى تقارير المراجع العام، ألا يستحق رئيس الجمهورية المحاسبة والمساءلة عن الكيفية التي منح بها الحركة الشعبية 60 مليون دولار (120 مليار جنيه سوداني بالتمام والكمال)، في الوقت الذي يموت فيه بعض المرضى على أبواب المستشفيات لعدم قدرتهم على دفع رسوم العلاج.
القائمة تطول لتشمل ازدياد الفقر وتدهور البيئة، وترييف المدن وإهمال الريف وتخريب التعليم، وتدهور الزراعة وانهيار الصناعة وغياب الخدمات العامة، وتشويه صورة وعلاقات السودان الخارجية، إلخ إلخ.
وبعد كل هذا وبدون ذرة من حياء تحتفل الإنقاذ بإنقلابها، ويحلم رئيسها بانتخابه رئيسا لفترة أخرى، كأنه لم يسمع عن رجل اسمه/ نلسون مانديلا، وشهرته "ماديبا"،تخلى عن السلطة بعد فترة رئاسية واحدة، وقال قولته الخالدة "البقاء للمؤسسات وليس للأشخاص، مهما كان دورهم".
ومع استحالة المقارنة بين الرجلين، إلا أنني لا أملك إلا أن أقول "عجبي".
مهدي إسماعيل مهدي/ بريتوريا
mahdica2001@yahoo

Friday, July 20, 2007

War & Otherwise …


To further the started discussion about wars, and their accompanying atrocities and their very relevance to today’s complex realities on one hand and the confused emerging humanity measures, I would like to recommend a documentary movie that I had watched recently: The Fog of War. Documentaries are usually straight forward in stating their positions, and have the power of picture manipulation; however, they leave us with a bunch of intercrossing questions and concerns.

The Fog of War was released in December 2003 to tell the life of Robert McNamara, U.S. Secretary of Defense 1961-8, through the use of archival material, and mainly, an interview with McNamara himself. The term "fog of war" refers to the uncertainty that descends over a battlefield once fighting begins. The movie won the Academy Award for Best Documentary Feature for 2003, due to, I guess, its powerful message and the deep lessons that McNamara learned, and presented in detain in the movie, from his experience:
*Empathize with your enemy.
*Rationality will not save us.
*There's something beyond one's self.
*Maximize efficiency.
*Proportionality should be a guideline in war.
*Get the data.
*Belief and seeing are both often wrong.
*Be prepared to reexamine your reasoning.
*In order to do good, you may have to engage in evil.
*Never say never.
*You can't change human nature.

Further points are added to the DVD released later. Reflecting upon the following points will hopefully enrich the open discussions.
Robert McNamara’s Ten Lessons:
1. The human race will not eliminate war in this century, but we can reduce the brutality of war – the level of killing – by adhering to the principles of “proportionality”.
2. The indefinite combination of human fallibility and nuclear weapon will lead to the destruction of nations.
3. We are the most powerful nation in the world – economically, politically and militarily – and we are likely to remain so for decades ahead. But we are not omniscient. If we cannot persuade other nations with similar interests and similar values of the merits o our proposed use of that power, we should not proceed unilaterally except in the unlikely requirement to defend directly the continental U.S., Alaska and Hawaii.
4. Moral principles are often ambiguous guides to foreign policy and defense policy, but surely we can agree that we should establish as a major goal of U.S. foreign policy and, indeed, of foreign policies across the globe: the avoidance in this century of the carnage – 160 million dead – caused by conflict in the 20th century.
5. We, the richest nation in the world, have failed in our responsibility to our own poor and to the disadvantaged across the world to help them advance their welfare in the most fundamental terms of nutrition, literacy, health and employment.
6. Corporate executives must recognize there is no contradiction between a soft hear and a hard head. Of course, they have responsibilities to stockholders, but they also have responsibilities to their employees, their customers and to society as a whole.
7. President Kennedy believed a primary responsibility of a president – indeed “the” primary responsibility pf a president – is to keep the nation out of war, if at all possible.
8. War is a blunt instrument by which to settle disputes between or within nations, and economic sanctions are rarely effective. Therefore, we should build a system of Jurisprudence based on the International Court – that the U.S. has refused to support – which would hold individuals responsible for crimes against humanity.
9. If we are to deal effectively with terrorists across the globe, we must develop a sense of empathy – I don’t mean “sympathy”, but rather “understanding” – to counter their attacks on us and the Western World.
10. One of the greatest dangers we face today is the risk that terrorists will obtain access to weapons of mass destruction as a result of the breakdown of the Non-Proliferation Regime. We in the U.S. are contributing to that breakdown.
Tallal

Thursday, July 19, 2007

19th of July Once Again ...




he is wandering in the empty streets of the city he loved the most ... by then he might have been thinking of the same question, he'd shortly be asked: 'what have i given to those lovely people?' ... his answer, later, was: Consciousness, as much as I could ...






in that early morning, he started conversing with the innocent free spirits of Elshafea' and Joseph which his would join shortly ...





in simple cloth, here I come finally to you, death. i lived life to the fullest ... No fear at all... I'm leaving pride for generations to come ... and you will never be able to touch that ... the seeds we'd planted will have a long loooooooong life ... they will have droughts, they may rest, but they won't stop growing ... they will defeat you and your soldiers, and peace will prevail ...


Rashid might have thought of Che, Lumumba, Ghandi ... and the last words of Mandela before going to Roben Island

"my lifetime I have dedicated myself to this struggle of the African people. I have fought against white domination, and I have fought against black domination. I have cherished the ideal of a democratic and free society in which all persons live together in harmony and with equal opportunities. It is an ideal which I hope to live for and to achieve. But if needs be, it is an ideal for which I am prepared to die."
he recalled all that and had a deep breath of the pure Omdurman's morning breeze ... and smiled.



Tallal

Sunday, July 15, 2007

Article

An article about Abdeullahi An Naim , you can read all about it in the link below:


http://www.newyorker.com/archive/2006/09/11/060911fa_fact1




Monday, July 9, 2007

War & Literature

Wars have changed the world around us, and peace did too. Wars themselves have changed … in terms of motives, weaponry, extent, ends, compromises … our human reflections upon wars have also changed … from Homer’s wanderings of Odysseus, to the atrocities committed by Napoleon’s army in Tolstoy’s ‘War & Peace’ …

An interesting series of reviews conducted by NPR, and are launched this month (July2007) reveals deep thoughts into wars as human experiences … the ideas discussed ignite many memories... sad/happy, old/new and painful ones. Nuruddin Farah, of Somalia says:

"My intention is to humanize the story of the civil war, so that instead of having a book like Black Hawk Down, in which the Somali people are wooden figures, with no life really to speak of, as a novelist I would like to humanize these people — give back their humanity to them."
(To listen to the whole interview follow the link: http://www.npr.org/templates/dmg/popup.php?id=11726074&type=1&date=05-Jul-2007&au=1&pid=54312134&random=4766514165&guid=00090226FAD0057221862A0561626364&uaType=WM&aaType=RM,WM&upf=Win32&topicName=Books&subtopicName=Authors&prgCode=ME&hubId=11668573&thingId=11726071&ssid=&tableModifier=&mtype=WM )


While Dunya Mikhail writes:

What good luck!
She has found his bones.
The skull is also in the bag
the bag in her hand
like all other bagsi
n all other trembling hands.
(To listen to the whole interview follow the link: http://www.npr.org/templates/dmg/popup.php?id=11762770&type=1&date=06-Jul-2007&au=1&pid=23622203&random=7723413154&guid=00090226FAD0057221862A0561626364&uaType=WM&aaType=RM,WM&upf=Win32&topicName=Books&subtopicName=Poetry&prgCode=ME&hubId=11668573&thingId=11762755&ssid=&tableModifier=&mtype=WM )


Other remarkable threads of thoughts are also reached through the simple expressive words of a mother of a wounded American soldier who lost a leg in Iraq, as Andrew Carroll edits 'Operation Homecoming':

It's strange and ironic how my perceptions of what is "good" have changed since May 2- the day she’d learnt about her son’s injury. I don't have the awful feeling of personal dread watching the news on television or reading the newspaper now, because my son is not over there anymore in that hell hole. He's no longer trying to survive the politics or the fanaticism or the insanity that is Iraq and Afghanistan. Now, when I go to Walter Reed, I think how fortunate he is to have "only" lost his leg.
(To listen to the whole interview follow the link: http://www.npr.org/templates/dmg/popup.php?id=11718803&type=1&date=04-Jul-2007&au=1&pid=54245127&random=1652464333&guid=00090226FAD0057221862A0561626364&uaType=WM&aaType=RM,WM&upf=Win32&topicName=Books&subtopicName=Non-Fiction&prgCode=ME&hubId=11668573&thingId=11718788&ssid=&tableModifier=&mtype=WM )

A feed to the interviews is introduced to the blog. Enjoy!

Tallal

Mahdi from Pretoria writes: عزيزي/ عثمان ميرغني، صح النوم

لا جدال في أن الصحفي المهندس/ عثمان ميرغني، صاحب قلم جريء جزل العبارة، يوجز المعنى ويجليه في آن، إضافة إلى أنه يتناول القضايا التي تهم المواطن وتثير اهتمامه، مما جعله يتبوأ مكانة عالية لدى الرأي العام السوداني.
وفي الآونة الأخيرة كتب مقالا جريئا طالب فيه وزير العدل/ محمد علي المرضي، بالاستقالة من منصبه متهما إياه بالكذب في ما يتعلق بإيقاف التحقيق في القضية المعروفة بقضية "غسيل الأموال"، إذ قال الوزير أنه أوقف التحقيق بناء على طلب رئيس هيئة الاتهام، المحامي/ غازي سليمان، ولكن غازي وزع بيانا نفى فيه نفيا قاطعا أن يكون طلب إيقاف التحقيق، وبدلا أن يوجه الوزير الهمام سهامه نحو غريمه غازي، وثب وثبة مضرية على الحيطة القصيرة/ عثمان ميرغني، وأودعه ورئيس تحريره (محجوب عروة) بيت الحكومة "أب سدادة زول" مستغلا مادة قانونية تتعلق بالأطعمة الفاسدة والإزعاج العام، ولا تزال الساحة السودانية تعيش فصول المسلسل المثير.
ولكن الذي لفت نظري وأثار استغرابي (وفغر فاهي) هو؛ منذ متى أصبحنا نرى كذب المسئولين العامين (وزراء أم حتى رؤساء) سبة تستوجب الاستقالة؟.
صحيح أن الكذب "فحل العيوب" وقد استعاذ منه المصطفى "اللهم إني أعوذ بك من البخل والكذب"، ولكن ألم يعد الكذب في الساحة السياسية السودانية (والحياة العامة للأسف أيضا) نوعا من الشطارة والفهلوة؟.
وبمراجعة بسيطة لأقوال أي مسئول (دون استثناء) خلال شهر واحد فقط، تجد كذبا وتدليسا ومغالطات يشيب من هولها الولدان.
ماذا قالت الإنقاذ غداة شد سرجها على ظهورنا؟ ألم تقل أن هيئة القيادة بالقوات المسلحة قررت الاستيلاء على السلطة، مع أنها وفي تلك اللحظة كانت قد أودعت السجن،كل هيئة القيادة (الفريق/ فتحي أحمد علي، واللواء/ مهدي بابو نمر، واللواء/ عبد الرحمن سعيد، وغيرهم) !!.
ولعل جرم عثمان ميرغني، أنه أراد لمسئولينا أن يتشبهوا بالكفرة الفجرة، الذين يستقيلون (ويقالون إن لم يستقيلوا)، عندما يستبين كذبهم، فهذه عادة غربية لا قبل لنا بها ولا قدرة لنا على ممارستها خاصة في سودان الإنقاذ الذي يستطيع شيوخه أن يدخلوا أياديهم في جراب الحاوي ليخرجوا لنا فتاوى "فقه الضرورة" و "التقية" وهلمجرا، ولا أخال أن أحدا في حاجة لإثبات أو دليل على كذب الساسة في بلاد المليون ميل مربع.
وللعلم فإن مسألة عدم تساهل الكفرة الفجرة مع الكذب، ترتبط ارتباطا وثيقا مع مبدأ "تحمل مسئولية الخطأ الشخصي وأخطاء المرءوسين وتحمل تبعاتها"، فكم شهدنا وزراء ورؤساء غربيين استقالوا بعد إقرارهم بسوء تقديرهم للأمور العامة (ولكم في توني بلير أسوة حسنة يا أولي الألباب)، ولأن الشيء بالشيء يذكر، هل سمعتم بوزير أو غفير سوداني استقال من منصبه لأنه أخطأ التقدير؟.
لقد سقطت طائرات وانهارت عمارات وتفجرت شاحنات ذخيرة وصواريخ وتشرد ملايين السودانيين ومات مئات الآلاف من الجوع والمرض والحرب وسوء تقدير ولاة الأمر، فهل استقال أحد؟ أو لم تعلموا أن ولي الأمر قال لأحد المقصرين "وأيه يعني لو انهارت عمارة واحدة من بين عشرات العمارات التي بنيتها؟ ثم ربت على كتفه وواساه قائلا "هون عليك، إنها استراحة محارب" ولم يكذب خبرا ، بل رفعه إلى منصب أعلا.
ثم، ألم تسمعوا أن ذات الولي قال في مؤتمر عالمي منقول عبر الأقمار الصناعية " الإعلام الغربي كاذب، فعدد الذين سقطوا في دارفور (بسبب سوء تقدير الأمور) ليس مائتي ألف من الرعية وإنما 9,000 فقط"!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم لا نسألك رد البلاء ولكن اللطف فيه، "الكل في السودان غير مكانه*****المال عند بخيله والسيف عند جبانه".

هذه المسألة تقودنا إلى التساؤل حول كيفية وأسس الاختيار للمناصب العامة في السودان، ومعايير اختيار ولاة الأمور والمسئولين عن مصائر ومعايش المواطنين؟. فمن المعروف في الأنظمة الديمقراطية (التعددية الحزبية) أن يكون الانتقاء للمناصب الدستورية العليا وفقا للتدرج الحزبي تصعيدا من القواعد حتى قمة الهرم وبالتالي يكون المسئول قد تبوأ منصبه ووصل إليه عبر تقييم ديمقراطي ومنافسة شريفة واستعراض وتمحيص لخبراته العملية ومؤهلاته العلمية ومبادئه الأخلاقية. أما في الأنظمة الشمولية العسكرية، فإن حلقة الاختيار تكون محصورة في المجموعة الانقلابية ومن تآمر معها، ولذا تضيق الحلقة لتنحصر في الموالين والمؤيدين من المعارف والأقارب والأصدقاء (والدفعة)، وفي أحسن الأحوال من الأصهار والنسابة، ولو أن أي باحث أكاديمي قام بدراسة علمية رصينة بعنوان " أثر العلاقات الأسرية في الحياة السياسية السودانية" لوجد العجب العجاب.
ومع أن الإنقاذ لم تنفرد بهذه النقيصة، إلا أنها أضافت إليها بعدا جديدا باستئلاف معارضيها السياسيين وإغرائهم بالمناصب وبريق السلطة الذي يعشي الأبصار. ولكي لا نلقي القول على عواهنه، أغمض عينيك وتأمل اجتماعا لمجلس الوزراء مستعرضا الأسماء التالية (بعد حذف وزراء الحركة الشعبية الذين أتوا وفق اتفاقية محددة لإنجاز مهمة معروفة في فترة زمنية معينة)، ثم أسأل نفسك ما الذي يجمع بين هذه الأسماء ؛ سبدرات، الدقير، الزهاوي، الهادي بشرى، المرضي، الوسيلة ،،،، إلخ . وستجد أن القاسم المشترك بينهم، انشقاقهم على أحزابهم وتلقف الإنقاذ لهم نكاية في أحزابهم القديمة ومحاولة لإضعاف تلك الأحزاب.
وحتى في هذه الممارسة السياسية الرخيصة فقد جانب دهاقنة الإنقاذ الصواب، لأن تلك الأسماء لا وزن لها لحظة انسلاخها عن أحزابها، فهي ليست بأي حال من الأحوال رصيدا سياسيا أو إضافة شعبية لنظام الإنقاذ، بل ربما تكون عبئا عليه. وقل لي بربك، أين شعبية المرضي بعد خروجه من حزب الأمة؟ فوالله لو ترشح المرضي في حي "الشويحات" بمدينة الأبيض لسقط سقوطا شنيعا. أما "الدقير" فأين قاعدته الشعبية (بعد انتقال زين العابدين الهندي إلى الرفيق الأعلى)، هل هي في التبون (إحدى قرى المجلد) أم مدينة النيل. أما "سبدرات" ممثل اليسار الذي تحول بقدرة قادر إلى مخرج، فالشعب السوداني يخطيء حتى الآن في نطق اسمه، ولولا أن البلابل غردن له بأغنية "رجعنالك" لما سمعنا به.
خلاصة الأمر، ولحمته وسداه، إن أسس الاختيار لتولي المسئولية العامة في سودان الإنقاذ، شائهة وأن من يتم استئلافهم لا يتحلون بالمصداقية ولا يتورعون عن الكذب البواح ولا قبل لهم بتحمل مسئولية أخطائهم.
ومرة أخرى، صح النوم ياعثمان، فما بني على باطل فهو باطل.

مهدي إسماعيل/ بريتوريا
mahdica2001@yahoo