A new article about Kordofan , area east to darfur which might be a new conflict zone in Sudan " Sudanese Kashmir " as suggested by the author Alex De Waal for more details visit the link below :
http://www.ssrc.org/blog/2007/09/13/watch-kordofan/
Thursday, September 20, 2007
Friday, September 14, 2007
هل كان تاريخنا ماضيا سعيدا؟

//الدكتور سيد محمود القمني
معاوية بن أبي سفيان وولده يزيد لم يمنعهما اسلامهما من قتال آل بيت الرسول وجز رأس الحسين !!!الحجاج بن يوسف الثقفي أعدم من العراقيين مئة وعشرين ألفا واستباح نساء المسلمين !!!العباسيون قتلوا خمسين ألفا من أهل دمشق وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم !!!هل كان ممكنا أن ترتج أجهزة الدولة كلها مستجيبة لاستغاثة مواطن يعاني القهر والظلم في بلاد المسلمين على يد المسلمين ، في الإمبراطورية الإسلامية العظمى الغابرة ، كما ارتجت وتحركت بعدّتها وجيوشها في القصة الأسطورية إستجابةً لصرخة امرأة مجهولة منكورة لا نعرف من هي ، وهي تنادي الخليفة من على الحدود عندما اعتدى عليها بعض الروم... " وامعتصماه"؟!.إن هذا النموذج من القص يريد أن يعلن مدى اهتمام الدولة جميعا بمواطنٍ فردٍ يعاني أزمة ، وهو ما يستثير الخيال العربي المقموع ويدفعه إلى محاولة استعادة هذه الدولة الأبية التي كانت تردع الأعادي بكل فخر ومجد كما كانت تنشغل بالمواطن الفرد كل الانشغال ، حتى بات عزيزا كريما مرهوب الجانب أينما كان. لكن بين القص الأسطوري وبين ما كان يحدث في الواقع مفارقات لا تلتئم أبدا ، ولا تلتقي أبدا. والنماذج على ذلك أكثر من أن تحصيها مقالة كتلك ، بل تحتاج إلى مجلدات من الكتب. لكن يكفينا هنا اليسير منها لنكتشف هل كانت ثقافة "وامعتصماه" أمرا حقيقيا فاعلا في الواقع أم أنها مجرد قصة لرفع الشعارات دون الفعل وليس أكثر ، كالعادة العربية المعلومة! خاصة أن هذه الدولة العزيزة بمواطنها الكريم هي الدولة النموذج التي يطلبها اليوم المتأسلمون على كافة فصائلهم وأطيافهم ، ويزينونها للناظرين بقصٍّ كهذا عادة ما يبدأ بمسئولية الخليفة الراشد وهو في يثرب عن دابة لو عثرت بالعراق.وينتهي بالحفل البانورامي حول احتلال "عمّورية" انتقاما للفرد العربي الأبي حتى لو كان امرأة! مع علمنا بحال المرأة قياسا على الرجل في تراثنا.لقد صرخت القبائل العربية في الجزيرة منذ فجر الخلافة "و اسلاماه" تستغيث بالمسلمين لردع جيوش الدولة عن ذبحها وسبي حريمها وأطفالها لبيعهم في أسواق النخاسة ، تلك القبائل التي تمسكت بحقها الذي أعطاه لها ربها بالقرآن في الشورى والمشاركة الفاعلة في العمل السياسي.فرفضت خلافة أبي بكر"الفلتة" بتعبير عمر بن الخطاب لأنها تمت بدون مشورتهم ولا ترشيح احد منهم ولا اخذ رأيهم ، فامتنعوا عن أداء ضريبة المال للعاصمة تعبيرا عن موقفهم ، لكنهم عملوا برأي الإسلام فجمعوا الزكاة ووزعوها على فقرائهم في مضاربهم التزاما بهذا الركن الإسلامي بجوار صلاتهم وصيامهم وقيامهم بقية الأركان المطلوبة. فلم يعفها ذلك من جز الرقاب والحصد بالسيف. والصراع هنا لم يكن حول الإيمان والكفر ، بل كان الشأن شان سياسة دنيوية لا علاقة لها بالدين.ورغم الجميع فقد تواطأ السدنة مع السلطان ضد تلك القبائل ليؤسسوا في التاريخ المذهب السنّي الذي وجد فرصته في مكان سيادي بجوار الحاكم ، فقام بتحويل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني ، واعتبر أن محاربة هؤلاء واجب ديني لأنهم قد كفروا وارتدوا عن الإسلام لا لشيء ، إلا لأن هكذا كان قرار الخليفة؛ ولأن هذا الخليفة كان "الصدّيق" صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصهره ووزيره الأول. فالبسوا الخليفة أولا ثوب القدسية ولو ضد منطق الإسلام الذي لا يقدس بشرا ، ثم البسوا القرار قدسية الخليفة ، ثم أصدروا قرارهم بتكفير هذه القبائل بتهمة الردة عن الإسلام لأنها حسب القرار البكري قد "فرّقت بين الصلاة وبين الزكاة" ، وهو أمر فيه نظر من وجهة نظر الشرع لا تبيح قتالهم ولا قتلهم. لذلك تم تدعيم القرار بان تلك القبائل قد خرجت على رأي الجماعة وخالفته وهو اختراع آخر كان كفيلا بوصمها بالارتداد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.وهكذا ، ومنذ فجر الخلافة جلس الفقيه في معية السلطان يصوغان لنا إسلامنا ، إسلام يؤسلم ويكفّر حسب مدى التزام المواطن بالمذهب السيد الذي هو مذهب السدنة والسلطان وأولي الأمر ، وطاعتهم أمر رباني وفرض سماوي. ومنذ خرجت جيوش أبي بكر تحارب تاركي الزكاة تحت اسم الدين والصواب الديني ، أصبح معنى أن تخرج جيوش المسلمين لتحارب الكفار "غير حروب الفتوحات". إنها خارجة للقضاء على المعترضين أو المخالفين في الرأي السياسي الذي تتم إحالته إلى الدين ، حتى يتم الذبح والحرق والسبي بإسم الدين وليس لخلاف سياسي.نظرة عجلى على تاريخ العرب المسلمين ستكتشف أن مقابل "وامعتصماه" الأسطورية ، ألف "واسلاماه" كان جوابها مختلفا.وبلغ الأمر غاية وضوحه في زمن عثمان بن عفان الذي فتق بطن عمّار بن ياسر ضربا وركلا ، وكسر أضلاع ابن مسعود حب رسول الله ، ونفى أبا ذر إلى الربذة ، فقتل المسلمون خليفتهم ، وتم قتله بيد صحابة وأبناء صحابة. ومن بعدها خرجت الفرق الإسلامية تحارب بعضها بعضا وتكفّر بعضها بعضا ، حتى مات حول جمل عائشة خمسة عشر ألف مسلم ، ومن بعدهم مائة ألف وعشرة من المسلمين في صفّين ، لا تعلم من فيهم من يمكن أن نصفه بالشهيد ومن فيهم من يمكن أن نصفه بالظالم المفتري!أما عن زمن معاوية وولده يزيد فحدث ولا حرج عما جرى لآل بيت الرسول ، وكيف تم جز رأس الحسين لترسل إلى العاصمة ، وكيف تم غرس رأس زيد بن علي في رمح ثم غرسه بدوره فوق قبر جده رسول الله!. وإن ينسى المسلمون السنّة ، فان بقية الفرق لا تنسى هذه الأحداث الجسام التي فرقت المسلمين فرقا وشيعا ، كلها تمسحت بالدين وكان الشأن شأن سياسة ودنيا وسلطان.وإن ينسى المسلمون أو يتناسوا فان التاريخ يقرع أسماعنا بجملة مسلم بن عقبة المري لتأديب مدينة رسول الله "يثرب" ومن فيها من الصحابة والتابعين بأمر الخليفة القرشي يزيد بن معاوية. فقتل من قتل في وقعة الحرة التي هي من كبرى مخازينا التاريخية ، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراء من سفاح واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات.أما زياد بن أبيه ، والي الأمويين على إقليم العراق ، فقد شرّع القتل بالظن والشبهة حتى لو مات الأبرياء إخافة للمذنب ، وشرّع قتل النساء. أما نائبه الصحابي "سمرة بن جندب" فان يديه قد تلوثتا فقط بدماء ثمانية آلاف من أهل العراق على الظن والشبهة ، بل اتخذ تطبيق الحدود الإسلامية شكلا ساخرا يعبر عن تحكم القوة لا حكم الدين ، كما في حال "المسود بن مخرمة" الذي ندد بشرب الخليفة للخمر ، فأمر الخليفة بإقامة الحد إحقاقاً للشرع لكن على المسود بن مخرمة.ثم لا تندهش لأفاعيل السلطة وشهوتها في التقوى والأتقياء. فهذا الملقب بـ"حمامة المسجد" عبد الملك بن مروان لكثرة مكوثه في المسجد وطول قراءاته للقران وتهجده ليل نهار ، يأتيه خبر انه قد أصبح الخليفة فيغلق القران ويقول له: "هذا آخر العهد بك" ، ثم يقف في الناس خطيبا فيقول:"والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا وإلا ضربت عنقه".ولابد أن يجد الحجاج بن يوسف الثقفي هنا ولو إشارة ؛ لأنه كان المشير على الخليفة ؛ ولأنه من قام على إصدار النسخة الأخيرة من القرآن بعد أن عكف مع علماء الأمة على تصويب الإصدار العثماني وتشكيله وتنقيطه بإشراف شخصي دائم منه ، ولم يثبت عليه حب الخمر أو اللهو. لكنه كان أيضا هو الرجل الذي ولغ في دماء المسلمين ، وكانت مخالفته في أهون الشئون تعني قص الرقبة ، فهو الذي قال:" والله لا آمر أحدا أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الذي يليه إلا ضربت عنقه". وهو أحد خمسة ذكرهم عمر بن عبد العزيز قبل خلافته في قوله: "الحجاج بالعراق والوليد بالشام وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة ، اللهم قد امتلأت الدنيا ظلما وجورا".وقد سار الحجاج على سنّة سلفه زياد في إعدام النساء والقبض على أهل المطلوب حتى يسلم نفسه ، ومنع التجمهر ، وإنزال الجنود في بيوت الناس ووسط العائلات يلغون في الشرف كيفما شاءوا إذلالاً للناس وكسرا لإنسانيتهم ، حتى انه أعدم من العراقيين في عشرين سنة هي مدة ولايته مائة وعشرين ألفا من الناس بقطع الرأس بالسيف أو الذبح من القفا أو الرقبة ، دون أن نعرف من هم هؤلاء الناس ولماذا ذبحوا اللهم إلا على الاحتجاج على ضياع كرامة الإنسان ، أو لمجرد الشبهة والظن.وقد وجد هؤلاء السادة في الذبح والحرق لذة وسعادة ، بل فكاهة دموية. ففي فتوح جرجان سال أهل مدينة طمسية قائد المسلمين سعيد بن العاص بن عم الخليفة القائم عثمان بن عفان الأمان ، مقابل استسلامهم على ألا يقتل منهم رجلا واحدا ، ووافق القائد سعيد ففتحوا له حصونهم فقرر الرجل أن يمزح ويلهو ويضحك ، فقتلهم جميعا إلا رجل واحد!وعندما وصل العباسيون إلى السلطة بدأوا حملة تطهير واسعة شملت من مواطني دمشق خمسين ألفا تم ذبحهم ، وجعلوا من المسجد الأموي إسطبلاً لخيولهم. ولما استقام لهم الأمر استمروا على النهج الأموي في ظلم العباد وقهر آدمية الإنسان ، وهو ما كان يدفع إلى ثورات ، تنتهي بشي الثوار على نيران هادئة ، أو بمواجهتهم للضواري في احتفالات رومانية الطابع.وهكذا كان الإنسان سواء مواطنا عاديا كان ، أم كان في جيوش السلطان ، في مقتطفات سريعة موجزة مكثفة من تاريخنا السعيد وزماننا الذهبي الذي يريد الدكتور محمد عمارة استعادته ، لماذا؟يقول لنا تحت عنوان "مميزات الدولة الإسلامية" ، إن الشريعة الإسلامية فيها "تفوقت على غيرها من كل الشرائع والحضارات والقوانين الدولية ، في أنها جعلت القتال والحرب استثناء مكروها لا يلجا إليه المسلمون إلا للضرورة القصوى". لذلك يرى الدكتور عمارة: "أن الدولة الإسلامية لم تخرج عن هذا المنهاج السلمي ، حتى تضمن الدولة للمؤمنين حرية العيش الآمن في الأوطان التي يعيشون فيها"- مقالاته الحروب الدينية والأديان السماوية 7 ، 8".هذه دولتهم الإسلامية التي يريدون استعادتها لإقامة الخلافة مرة أخرى لتحرير فلسطين والعراق وإعادة الإمبراطورية القوية مرة أخرى. لقد كان زمنا ذهبيا بكل المعاني الذهبية بالنسبة للسادة الفاتحين الغزاة الحاكمين وحواشيهم من سدنة الدين وتجار البشرية ، لكنه كان زمانا تعسا بائسا دمويا بالنسبة للمحكومين المغزوين المفتوحين.إذا قيل هنا أن ذلك كان منطق ذلك العصر ، فلا خلاف أبدا حول قول القائل. وإذا قيل انه لا يصح محاكمة ذلك الزمان بذوق زماننا الأخلاقي ، أيضا ليس ثمة خلاف. لكن الخلاف ينشأ فور القول باستعادة هذا الشكل من الحكم والأنظمة بحسبانها الأمل والمرتجى. هنا لابد أن نحاكمها بذوق أيامنا ، لنرى إن كانت هي الحلم المنشود والأمل المفقود ، أم ستكون هي الختام لخير أمة أخرجت للأنام. نظرة عجلى على تاريخ العرب المسلمين ستكتشف أن مقابل "وامعتصماه" الأسطورية ، ألف "واسلاماه" كان جوابها مختلفا.وبلغ الأمر غاية وضوحه في زمن عثمان بن عفان الذي فتق بطن عمّار بن ياسر ضربا وركلا ، وكسر أضلاع ابن مسعود حب رسول الله ، ونفى أبا ذر إلى الربذة ، فقتل المسلمون خليفتهم ، وتم قتله بيد صحابة وأبناء صحابة. ومن بعدها خرجت الفرق الإسلامية تحارب بعضها بعضا وتكفّر بعضها بعضا ، حتى مات حول جمل عائشة خمسة عشر ألف مسلم ، ومن بعدهم مائة ألف وعشرة من المسلمين في صفّين ، لا تعلم من فيهم من يمكن أن نصفه بالشهيد ومن فيهم من يمكن أن نصفه بالظالم المفتري
Friday, September 7, 2007
Amir & Mohammed in Chicago Sept 3rd, 2007
I have been honored last weekend 'the labor day weekend 2007' with the visit of two of my old friends 'Amir El-Ageed' and 'Mohammed Abdalrahman'. Amir has come from Washington and Mohammed from Texas. We had spent good times in Chicago. Their presence added to the warm memories we had shared before. they have initiated very deep discussions and demonstrated an enthusiastic approach to change things around.
Tallal
Nehru & Religion

A Paragraph I liked today:
1. “The spectacle of what is called religion, or at any rate organized religion, in India and elsewhere, has filled me with horror and I have frequently condemned it and wished to make a clean sweep of it. Almost always it seemed to stand for blind belief and reaction, dogma and bigotry, superstition, exploitation and the preservation of vested interests.”
2. “We talk about secular India … Some people think that it means something opposed to religion. That obviously is not correct. What it means is that it is a State which honors all faiths equally and gives them equal opportunities; India has a long history of religious tolerance … In a country like India, which has many faiths and religions, no real nationalism can be built up except on the basis of secularity.”
Nehru as cited by Dawkins in ‘The God Delusion’, pages 45-6
1. “The spectacle of what is called religion, or at any rate organized religion, in India and elsewhere, has filled me with horror and I have frequently condemned it and wished to make a clean sweep of it. Almost always it seemed to stand for blind belief and reaction, dogma and bigotry, superstition, exploitation and the preservation of vested interests.”
2. “We talk about secular India … Some people think that it means something opposed to religion. That obviously is not correct. What it means is that it is a State which honors all faiths equally and gives them equal opportunities; India has a long history of religious tolerance … In a country like India, which has many faiths and religions, no real nationalism can be built up except on the basis of secularity.”
Nehru as cited by Dawkins in ‘The God Delusion’, pages 45-6
Tallal
Monday, August 27, 2007
شي غيفارا وابن لادن... وسؤال فيه نظر! -- د. محمد عابد الجابري
إن ما يجري في العالم اليوم ليس صراع حضارات وإنما هو صراع الحضارة الغربية مع نتاجها... وإن العولمة الرأسمالية الامبريالية التي لا وطن لها قد أفرزت نقيضها على صورتها...إذا كان لنا أن نبحث عن الإطار الوطني المحلي الذي خرجت من جوفه الجماعات الإسلامية التي تمارس السياسة بواسطة نوع من الحرب يطلق عليه اليوم بعضهم اسم (المقاومة) وبعضهم اسم (الإرهاب)، فإن هذا الإطار لن يكون شيئا آخر غير ذلك الذي حمل ويحمل اسم (جماعة الإخوان المسلمين)· هذا لا يعني أن جميع من انتمى أو ينتمي إلى هذه (الجماعة) قد اختار ممارسة السياسة بوسائل أخرى (العنف، الإرهاب...). كلا، لقد كان منهم من اختار ذلك لمقاومة الاحتلال الأجنبي (احتلال الإنجليز لقناة السويس مثلا) وكان منهم من اختار الدعوة السلمية وسبيل (الموعظة الحسنة) في مخاطبة المسلمين حكاما ومحكوما، ولكن كان منهم أيضا من عبر -في ظروف معينة وبعنف كلامي لا مزيد عليه- عن اليأس من جدوى هذه الطريق (سيد قطب في (معالم في الطريق))، فكان مرجعية لكثير من الجماعات الإسلامية المتطرفة المعاصرة .ونحن هنا لا نريد محاكمة هذا التيار أو ذاك من تيارات الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر، وإنما نريد أن نلتمس طريقا آخر بعيدا عن التحزب لفهم وتفهم الظروف الذاتية والموضوعية التي تدفع أو تساعد على الانزلاق نحو ممارسة السياسة بوسائل أخرى داخل المجتمع الحديث· ولا حاجة بنا إلى التذكير بما سبق أن قلناه بصدد العنف في التاريخ وفي التاريخ العربي الإسلامي، أعني كونه ظاهرة ملازمة للحياة الجمعية البشرية منذ أن كانت· ولكن لا بد من التنبيه إلى ضرورة استحضار ما هو من نصيب الموروث التاريخي الذي يسكن الذاكرة الجماعية ويتغذى منها ويتشكل بما يضيفه الخيال الاجتماعي إليه في كل عصر، من جهة، وما هو من نصيب معطيات الواقع المعيش، سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد العالمي، من جهة أخرى·والمسألة التي سيدور حولها هذا المقال هي التالية: ما الذي يجعل جمعية دينية تتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهو الذي يجعل السلم والسلام مبدءا وغاية، تنزلق -أو ينزلق بعض أفرادها- إلى ممارسة أعمال لا يقبلها العقل ولا الشرع، من قبيل محاولة التخلص من المخالفين والخصوم بواسطة العنف في أقصى مظاهره كالاغتيال مثلا؟ وبعبارة أخرى ما الذي يجعل الواحد من هذه الجماعة يخلط بين جريمة القتل العمد، الذي يذهب ضحيته بغير حق فرد أو أفراد، وبين فريضة الجهاد؟ الجواب المعتاد الذي تبرر به مثل هذه الأعمال من قبل مقترفيها هو (تغيير المنكر)، وقد سبق أن بحثنا هذا الموضوع وبينا رأي الفقهاء فيه، بمن فيهم الفقهاء الذين تعتمدهم هذه الجماعات مرجعية لها كالفقيه ابن تيمية وتلميذه ابن الجوزية · لقد سبق أن أبرزنا وجود إجماع بين الفقهاء على أن تغيير المنكر هو من شأن (الإمام) أي الدولة، وليس الأفراد أو الجماعات؛ وقد استند الفقهاء في ذلك إلى أن أهواء الأفراد والجماعات تختلف، فما هو منكر عند فرقة أو طائفة من المسلمين قد يكون مباحا أو واجبا عند طائفة أخرى، وهذا أمر واقع مشاهد· فلو أن الشيعة مثلا غيروا بأيديهم ما يعتقدونه (منكرا) في عقيدة أهل السنة، ولو أن أهل السنة فعلوا الشيء نفسه في الشيعة، لبقي المسلمون في حرب أهلية دائمة منذ حرب صفين، منذ أربعة عشر قرنا!هناك من يطرح المسألة من زاوية أن (تغيير المنكر) والغاية منه، في هذا المقام، له معنى آخر باعتبار أن الأمر يتعلق هنا بـمنكر خاص هو (المنكر السياسي) الذي يعني هنا عدم وجود إمام شرعي يتولى تطبيق الشريعة الإلهية، وبالتالي فالمقصود هو تغيير الحكم وإقامة (الحاكمية الإلهية)· وهذا في الحقيقة هو مضمون عبارة (الإسلام السياسي)· غير أن هذا التبرير الذي يبدو كأنه خاص بالجماعات الدينية هو في الحقيقة تبرير عام تعتمده جميع الحركات والجماعات التي تعمل من أجل تغيير حكم قائم من أجل إقامة حكم أفضل· فالعنف السياسي -الذي يستهدف تغيير الحكم بوسائل غير سياسية كالاغتيالات والتفجيرات وما أشبه ظاهرة عامة، والغاية منه واحدة، وهي تتراوح بين (إقامة جنة الله في الأرض)، خالية من المنكر···(الحركات التي تستند إلى الدين إسلاما كان أو غيره)، وبين تشييد (مجتمع فاضل)، بدون طبقات بدون قهر، خال من الظلم، يستغني عن الدولة··· إلخ ··· (الإيديولوجية الشيوعية)· أما الدوافع في الحالتين فهي بطبيعتها غير محددة وملتبسة، قد تكون دوافع ذاتية فردية أو جماعية كالثأر والتعصب المذهبي والإيديولوجي··· إلخ، وقد تكون حوافز موضوعية كاستفحال الفروق الاجتماعية واشتداد الصراع الطبقي··· إلخ، وقد تكون دوافع مختلطة ذاتية وموضوعية معا كما يحصل عندما يجد صاحب الدعوة الدينية أو الإيديولوجية نفسه في عنق الزجاجة، أو أمام جدار الرفض المطلق للدعوة وأصحابها··· وإذاً فالسؤال الذي طرحناه أعلاه بصيغة الخصوص (ما الذي يجعل (جمعية دينية)، تتمسك بالإسلام، عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهو الذي يجعل السلم والسلام
المصدر: الاتحاد ... العدد العدد 10320
المصدر: الاتحاد ... العدد العدد 10320
Wednesday, July 25, 2007
الإنقاذ: 18 عاماً من المحاورة لا الحوار
عندما نزعت الإنقاذ القناع عن وجهها بعد أيام قلائل من تمكنها من الاستيلاء على مقاليد السلطة في السودان صبيحة الثلاثين من يونيو 1989، لم تهدر كثير وقت للإفصاح عن توجهها الفكري العقائدي، والأسس التي ستقيم عليها نظامها الجديد، فأعلنت بجلاء تام أنها ثورة تأصيل إسلامية تهدف إلى إعادة صياغة المجتمع السوداني وصبه في قالب إطاره الدين الإسلامي والتوجه العروبي. وبالتالي حسمت (من وجهة نظرها) مسألة صراع الهوية في السودان، وأجابت على التساؤل المشروع عن مصير غير المسلمين وغير العرب من السودانيين "الذين يشكلون نسبة لا يستهان بها" بأن سبيلها لاحتواء هؤلاء هو الأسلمة (Islamization) والعربنة (Arabization)، ووسيلتها لذلك الجهاد بحد السيف وكما قال أحد سدنتها (د. عبد الله سيد أحمد) "الخيل معقود بنواصيها الخير"، فجهزت الجيوش وأعلنت الجهاد وأنشأت الدفاع الشعبي وروافده من خدمة إلزامية ونظام عام ومنظمة شهيد ودمغة جريح،، إلخ، وباختصار عمدت إلى عسكرة المجتمع السوداني تأسيا وتيمنا بالسلف الصالح في صدر الإسلام وفتوحات الصحابة، دون إدراك أو تبصر لما آل عليه العالم بعد أربعة عشر قرناً من الزمان. وبفجاجة وتسطح لا نظير لهما بدأت ثورتها التأصيلية بتغيير أسماء الشوارع والحارات والقرى والنجوع، وصار الجنيه ديناراً، وهكذا.
بل امتدت يد التأصيل لتطال ألقاب لاعبي كرة القدم فعرفنا أن بريش هو عبد الله، وتنقا هو حسن، والثعلب هو جمال، ومازدا هو محمد،،، إلخ، وبلغ السخف مداه وشمل حتى اللغة المستخدمة في البيانات الرسمية فسمعنا والي الخرطوم يقول في بيان مذاع "من أراد أن تثكله أمه فليقفل متجره أو يرفض بيع عنزته" بخ بخ يا أخا العرب ابن عبد الفتاح العبسي، نحمد الله أنك لم تضف "فليطالعني خلف خور أب عنجة".
والحق يُقال، ويعلو ولا يُعلى عليه، لم تكتف الإنقاذ بهذه الشكليات بل عمدت فعلاً إلى تغيير بنية وتركيبة المجتمع السوداني وطرحت مشروعها الحضاري الذي يمثل ذروة سنام قدرات مفكريها، وهو مشروع يتلخص في إلغاء الآخر أو إلحاقه (وقد عبر لاحقاً عن ذلك عبد الرحيم حمدي بمثلثه العجيب).
وفي الذكرى الثامنة عشر للانقلاب دعونا نستعرض استعراضاً موضوعياً إنجازات وإخفاقات الإنقاذ، ولنبدأ بالإنجازات المزعومة:-
*- استخراج البترول: تفاخر الإنقاذ بما تعتبره تاج عزها، "وسبب بقائها حتى الآن"، ألا وهو النجاح في استخراج النفط واستغلاله وتصديره، بعد الاكتفاء ذاتياً من مشتقاته. وهذا أمر محمود ولا شك، ولن نبخس الناس أشياءهم، ولكن جهود استخراج النفط بدأت قبل الإنقاذ وأول من جد في هذا السبيل نظام مايو (واسألوا شريف التهامي ينبئكم الخبر اليقين)، ثم ساهمت أزمة الطاقة العالمية و عجز العرض عن مواجهة الطلب المتنامي بدخول الصين والهند حلبة المنافسة على استخراج واستهلاك النفط، وحلول الصراع على الموارد محل الحرب الباردة بدلاً عن الصراع الأيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، وبتلاقي المصالح (وعلى قاعدة إن المصائب يجمعن المصابينا) اتفقت الصين الملحدة مع دولة السودان الإسلامية المجاهدة، على استخراج النفط واستغلاله.
ولكن السؤال هو كيف تمت إدارة هذه العملية، وهل خضعت للشفافية والمساءلة، وهل استفاد منها المواطن السوداني العادي، وهل وُجِهت عائدات النفط لتحقيق التنمية وتحسين حياة الملايين من فقراء المدن والريف، أم أنها استخدمت لبناء الأبراج وتراكم الحسابات الدولارية لفئة محددة وشراء الأسلحة من السوق السوداء، والإجابة بلا شك معروفة للقاصي والداني.
*- ثورة التعليم: لا جدال في ازدياد أعداد المتعلمين بفتح المزيد من المدارس، ومع أن هذا هو الأمر الطبيعي الذي ينبغي عمله، إلا أن التخبط والعشوائية التي صاحبت عملية التوسع الأفقي في التعليم العالي ومؤسسات البحث العلمي، أدت إلى تدهور نوعيته تدهوراً خطيراً، فالأصل في التعليم العالي النوع وليس الكم، إذ لا يمكن أن نجادل بأن طبيباً نصف جاهل خير من لا طبيب، فالهدف من مؤسسات التعليم العالي هو إنتاج المعرفة (Production of knowledge) لمواكبة التطور والبحث العلمي الذي تستند عليه التنمية وعملية التطور بصفة عامة، وليس محو الأمية أو تخريج أنصاف متعلمين.
*- السلام: وهذا إدعاء كاذب، إذ لا يُعقل أن تؤجج الحرب في الجنوب لأكثر من خمسة عشر عاماً (1989-2005) وتحولها من تمرد ضد الدولة إلى حرب دينية وجهادية، ثم بعد الفشل عسكرياً وبعد الاستسلام بأفدح الأثمان تدعي بأنك حققت السلام، ولعله من نافلة القول بأن اتفاقية الميرغني/قرنق (نوفمبر 1988) والتي أتت الإنقاذ لوأدها، لم تذهب ما ذهبت إليه اتفاقية نيفاشا (حق تقرير المصير وخيار الانفصال). وذات الشيء ينطبق على اتفاقية أسمرة شرقاً، واتفاقية أبوجا غرباً. والأدهى والأمر أن الإنقاذ لا تستقيد أو تتعظ من تجاربها، فقد تشدددت وغلَبت العقلية العسكرية الأمنية عند خوضها حرب الجنوب، وتلكأت وتآمرت عند التفاوض، والآن تكرر ذات الأخطاء في دارفور، وتشددها سيقود إلى تصلب الطرف الآخر، لأن قوانين الطبيعة تقول "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الاتجاه"، وقد بدأت مشكلة الجنوب بالمطالبة باحترام الخصوصية الثقافية ثم تطور الطلب إلى الحكم الذاتي/الفيدرالي ثم الكونفيدرالية وانتهى الأمر إلى تقرير المصير وربما الانفصال، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في دارفور إذ ارتفعت مؤخراً أصوات تنادي بالانفصال وأن دارفور لم تكن جزءاً من السودان حتى عام 1916.
*- أما مشاريع التنمية والخدمات الأخرى مثل، سد مروي وملحقاته، وسد كجبار، وطرق؛ شريان الشمال، وشندي الخرطوم وعطبرة بورتسودان، فالحديث عنها يطول، ولنتذكر قول وزير الري الأسبق/ يحيي عبد المجيد، بأن تعلية خزان الروصيرص (بتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة بناء سد مروي) كان كافياً لأداء الغرض إذا كان الهدف هو ري الأرض وتوليد الطاقة، ونظرة خاطفة إلى التوزيع الجغرافي لهذه المشاريع، تشير إلى أن الغرض منها هو تنفيذ استراتيجية حمدي، خاصة والحديث الآن يدور جهاراً بضرورة تحالف أبناء الشمال النيلي والوسط (أولاد المصارين البُيض) لمواجهة هجمة أبناء الأطراف (ولا داعي لتوصيفهم)، ولعل هذا هو المنطق الذي يحاولون به إغراء الميرغني للتحالف مع المؤتمر الوطني، الذي سيرتكب خطيئة عمره إن رضي بأن يدفع فواتير الإنقاذ وخطاياها والوقوع في أحابيلهم مقابل منصب أو مال، فدهاقنة المؤتمر يعرفون تماماً ما فعلوه بالشعب السوداني، ويريدون توريط الجميع لأن الوزر ثقيل جداً عليهم وحدهم.
خلاصة أمر التنمية والخدمات، إنها واجب تقوم به كل الحكومات سواء كانت عسكرية أم مدنية، ديكتاتورية أم ديمقراطية، دينية أم علمانية (ولا شكر على واجب)، وقد فعلته كل الحكومات السابقة وتفعله كل حكومات العالم، ولكنه لا يشفع أمام الخطايا الكبيرة التي تضع مستقبل البلد كله، بل تضع وجوده، على كف عفاريت (وليس عفريتاً واحداً) ورهنه لإرادات خارجية تتداعى من كل صوب وحدب.
الآن، بعد أن فرغنا مما تعده الإنقاذ وشيعتها إنجازات، دعونا نُلقي نظرة سريعة على بعض خطاياها العديدة، لأن المجال لا يتسع لرصدها كلها في هذه العُجالة.
أولاُ:- تشريد العاملين فيما سُمي بالإحالة للصالح العام (والصالح العام براء) فهذا الإجراء يخالف كل الشرائع وقوانين حقوق الإنسان وآداب الخلاف السياسي، ويٌجافي كل الأعراف التي تقول "قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق"، ولعل الله رد كيد الإنقاذ في نحرها، فقد أدى التشفي وتصفية الحسابات السياسية إلى إضعاف جهاز الدولة الإداري والاقتصادي والفني والأمني، وعجز الموالون عن الارتقاء إلى متطلبات الوظائف التي مُنحت لهم دون حق أو تأهيل. وخير دليل دامغ على هذا العجز ما نشهده الآن من دمار بسبب السيول والأمطار التي تفاجئهم كل عام، مما جعل أحدهم يعلق ساخراً "للإنقاذ أربعة أعداء: أمريكا، والفصول الثلاثة"، ولعله من لطف الله أن فصول السودان ثلاثة وليست أربعة، إذ لا ربيع لنا!.
ثانياً:- تمزيق نسيج الوحدة الوطنية بتأجيج النعرات الجهوية والقبلية، وضرب التعايش والتسامح الديني الذي اشتهر به الشعب السوداني، وقد أدت محاولة القسر والتهميش إلى استقطاب حاد بدأته الجبهة الإسلامية (وجنينها المستنسخ المؤتمر الوطني) بالإستقواء على معارضيها بتمييز أعضائها المنتمين سياسيا ًوتنظيمياً، ثم تطور (أو تدهور) الأمر إلى تصنيف المواطنين حسب قبائلهم والجهات الجغرافية التي أتوا منها، وأصبحنا نسمع أن هذا الجهاز محتكر لفلان وقبيلته، وأن تلك الوزارة مقتصرة على علان وجماعته، مما عاد بالسودان القهقرى، مئات السنين إلى الوراء، واختصر دولة المشروع الحضاري التي كانت تتشدق بقيادة العالم إلى مشروع قزم كل همه البقاء في السلطة حتى ولو تقلص مداه إلى مثلث، أو دائرة قطرها لا يتعدى القصر الجمهوري.
ثالثاً: الفساد: وبدون الدخول في تفاصيل واتهامات وتداول القصص الأسطورية التي تتندر بها منتديات السُمار في العاصمة والأقاليم حول الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام بأثمان بخسة للمحاسيب والموالين، وبدون الرجوع إلى تقارير المراجع العام، ألا يستحق رئيس الجمهورية المحاسبة والمساءلة عن الكيفية التي منح بها الحركة الشعبية 60 مليون دولار (120 مليار جنيه سوداني بالتمام والكمال)، في الوقت الذي يموت فيه بعض المرضى على أبواب المستشفيات لعدم قدرتهم على دفع رسوم العلاج.
القائمة تطول لتشمل ازدياد الفقر وتدهور البيئة، وترييف المدن وإهمال الريف وتخريب التعليم، وتدهور الزراعة وانهيار الصناعة وغياب الخدمات العامة، وتشويه صورة وعلاقات السودان الخارجية، إلخ إلخ.
وبعد كل هذا وبدون ذرة من حياء تحتفل الإنقاذ بإنقلابها، ويحلم رئيسها بانتخابه رئيسا لفترة أخرى، كأنه لم يسمع عن رجل اسمه/ نلسون مانديلا، وشهرته "ماديبا"،تخلى عن السلطة بعد فترة رئاسية واحدة، وقال قولته الخالدة "البقاء للمؤسسات وليس للأشخاص، مهما كان دورهم".
ومع استحالة المقارنة بين الرجلين، إلا أنني لا أملك إلا أن أقول "عجبي".
بل امتدت يد التأصيل لتطال ألقاب لاعبي كرة القدم فعرفنا أن بريش هو عبد الله، وتنقا هو حسن، والثعلب هو جمال، ومازدا هو محمد،،، إلخ، وبلغ السخف مداه وشمل حتى اللغة المستخدمة في البيانات الرسمية فسمعنا والي الخرطوم يقول في بيان مذاع "من أراد أن تثكله أمه فليقفل متجره أو يرفض بيع عنزته" بخ بخ يا أخا العرب ابن عبد الفتاح العبسي، نحمد الله أنك لم تضف "فليطالعني خلف خور أب عنجة".
والحق يُقال، ويعلو ولا يُعلى عليه، لم تكتف الإنقاذ بهذه الشكليات بل عمدت فعلاً إلى تغيير بنية وتركيبة المجتمع السوداني وطرحت مشروعها الحضاري الذي يمثل ذروة سنام قدرات مفكريها، وهو مشروع يتلخص في إلغاء الآخر أو إلحاقه (وقد عبر لاحقاً عن ذلك عبد الرحيم حمدي بمثلثه العجيب).
وفي الذكرى الثامنة عشر للانقلاب دعونا نستعرض استعراضاً موضوعياً إنجازات وإخفاقات الإنقاذ، ولنبدأ بالإنجازات المزعومة:-
*- استخراج البترول: تفاخر الإنقاذ بما تعتبره تاج عزها، "وسبب بقائها حتى الآن"، ألا وهو النجاح في استخراج النفط واستغلاله وتصديره، بعد الاكتفاء ذاتياً من مشتقاته. وهذا أمر محمود ولا شك، ولن نبخس الناس أشياءهم، ولكن جهود استخراج النفط بدأت قبل الإنقاذ وأول من جد في هذا السبيل نظام مايو (واسألوا شريف التهامي ينبئكم الخبر اليقين)، ثم ساهمت أزمة الطاقة العالمية و عجز العرض عن مواجهة الطلب المتنامي بدخول الصين والهند حلبة المنافسة على استخراج واستهلاك النفط، وحلول الصراع على الموارد محل الحرب الباردة بدلاً عن الصراع الأيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، وبتلاقي المصالح (وعلى قاعدة إن المصائب يجمعن المصابينا) اتفقت الصين الملحدة مع دولة السودان الإسلامية المجاهدة، على استخراج النفط واستغلاله.
ولكن السؤال هو كيف تمت إدارة هذه العملية، وهل خضعت للشفافية والمساءلة، وهل استفاد منها المواطن السوداني العادي، وهل وُجِهت عائدات النفط لتحقيق التنمية وتحسين حياة الملايين من فقراء المدن والريف، أم أنها استخدمت لبناء الأبراج وتراكم الحسابات الدولارية لفئة محددة وشراء الأسلحة من السوق السوداء، والإجابة بلا شك معروفة للقاصي والداني.
*- ثورة التعليم: لا جدال في ازدياد أعداد المتعلمين بفتح المزيد من المدارس، ومع أن هذا هو الأمر الطبيعي الذي ينبغي عمله، إلا أن التخبط والعشوائية التي صاحبت عملية التوسع الأفقي في التعليم العالي ومؤسسات البحث العلمي، أدت إلى تدهور نوعيته تدهوراً خطيراً، فالأصل في التعليم العالي النوع وليس الكم، إذ لا يمكن أن نجادل بأن طبيباً نصف جاهل خير من لا طبيب، فالهدف من مؤسسات التعليم العالي هو إنتاج المعرفة (Production of knowledge) لمواكبة التطور والبحث العلمي الذي تستند عليه التنمية وعملية التطور بصفة عامة، وليس محو الأمية أو تخريج أنصاف متعلمين.
*- السلام: وهذا إدعاء كاذب، إذ لا يُعقل أن تؤجج الحرب في الجنوب لأكثر من خمسة عشر عاماً (1989-2005) وتحولها من تمرد ضد الدولة إلى حرب دينية وجهادية، ثم بعد الفشل عسكرياً وبعد الاستسلام بأفدح الأثمان تدعي بأنك حققت السلام، ولعله من نافلة القول بأن اتفاقية الميرغني/قرنق (نوفمبر 1988) والتي أتت الإنقاذ لوأدها، لم تذهب ما ذهبت إليه اتفاقية نيفاشا (حق تقرير المصير وخيار الانفصال). وذات الشيء ينطبق على اتفاقية أسمرة شرقاً، واتفاقية أبوجا غرباً. والأدهى والأمر أن الإنقاذ لا تستقيد أو تتعظ من تجاربها، فقد تشدددت وغلَبت العقلية العسكرية الأمنية عند خوضها حرب الجنوب، وتلكأت وتآمرت عند التفاوض، والآن تكرر ذات الأخطاء في دارفور، وتشددها سيقود إلى تصلب الطرف الآخر، لأن قوانين الطبيعة تقول "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الاتجاه"، وقد بدأت مشكلة الجنوب بالمطالبة باحترام الخصوصية الثقافية ثم تطور الطلب إلى الحكم الذاتي/الفيدرالي ثم الكونفيدرالية وانتهى الأمر إلى تقرير المصير وربما الانفصال، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في دارفور إذ ارتفعت مؤخراً أصوات تنادي بالانفصال وأن دارفور لم تكن جزءاً من السودان حتى عام 1916.
*- أما مشاريع التنمية والخدمات الأخرى مثل، سد مروي وملحقاته، وسد كجبار، وطرق؛ شريان الشمال، وشندي الخرطوم وعطبرة بورتسودان، فالحديث عنها يطول، ولنتذكر قول وزير الري الأسبق/ يحيي عبد المجيد، بأن تعلية خزان الروصيرص (بتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة بناء سد مروي) كان كافياً لأداء الغرض إذا كان الهدف هو ري الأرض وتوليد الطاقة، ونظرة خاطفة إلى التوزيع الجغرافي لهذه المشاريع، تشير إلى أن الغرض منها هو تنفيذ استراتيجية حمدي، خاصة والحديث الآن يدور جهاراً بضرورة تحالف أبناء الشمال النيلي والوسط (أولاد المصارين البُيض) لمواجهة هجمة أبناء الأطراف (ولا داعي لتوصيفهم)، ولعل هذا هو المنطق الذي يحاولون به إغراء الميرغني للتحالف مع المؤتمر الوطني، الذي سيرتكب خطيئة عمره إن رضي بأن يدفع فواتير الإنقاذ وخطاياها والوقوع في أحابيلهم مقابل منصب أو مال، فدهاقنة المؤتمر يعرفون تماماً ما فعلوه بالشعب السوداني، ويريدون توريط الجميع لأن الوزر ثقيل جداً عليهم وحدهم.
خلاصة أمر التنمية والخدمات، إنها واجب تقوم به كل الحكومات سواء كانت عسكرية أم مدنية، ديكتاتورية أم ديمقراطية، دينية أم علمانية (ولا شكر على واجب)، وقد فعلته كل الحكومات السابقة وتفعله كل حكومات العالم، ولكنه لا يشفع أمام الخطايا الكبيرة التي تضع مستقبل البلد كله، بل تضع وجوده، على كف عفاريت (وليس عفريتاً واحداً) ورهنه لإرادات خارجية تتداعى من كل صوب وحدب.
الآن، بعد أن فرغنا مما تعده الإنقاذ وشيعتها إنجازات، دعونا نُلقي نظرة سريعة على بعض خطاياها العديدة، لأن المجال لا يتسع لرصدها كلها في هذه العُجالة.
أولاُ:- تشريد العاملين فيما سُمي بالإحالة للصالح العام (والصالح العام براء) فهذا الإجراء يخالف كل الشرائع وقوانين حقوق الإنسان وآداب الخلاف السياسي، ويٌجافي كل الأعراف التي تقول "قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق"، ولعل الله رد كيد الإنقاذ في نحرها، فقد أدى التشفي وتصفية الحسابات السياسية إلى إضعاف جهاز الدولة الإداري والاقتصادي والفني والأمني، وعجز الموالون عن الارتقاء إلى متطلبات الوظائف التي مُنحت لهم دون حق أو تأهيل. وخير دليل دامغ على هذا العجز ما نشهده الآن من دمار بسبب السيول والأمطار التي تفاجئهم كل عام، مما جعل أحدهم يعلق ساخراً "للإنقاذ أربعة أعداء: أمريكا، والفصول الثلاثة"، ولعله من لطف الله أن فصول السودان ثلاثة وليست أربعة، إذ لا ربيع لنا!.
ثانياً:- تمزيق نسيج الوحدة الوطنية بتأجيج النعرات الجهوية والقبلية، وضرب التعايش والتسامح الديني الذي اشتهر به الشعب السوداني، وقد أدت محاولة القسر والتهميش إلى استقطاب حاد بدأته الجبهة الإسلامية (وجنينها المستنسخ المؤتمر الوطني) بالإستقواء على معارضيها بتمييز أعضائها المنتمين سياسيا ًوتنظيمياً، ثم تطور (أو تدهور) الأمر إلى تصنيف المواطنين حسب قبائلهم والجهات الجغرافية التي أتوا منها، وأصبحنا نسمع أن هذا الجهاز محتكر لفلان وقبيلته، وأن تلك الوزارة مقتصرة على علان وجماعته، مما عاد بالسودان القهقرى، مئات السنين إلى الوراء، واختصر دولة المشروع الحضاري التي كانت تتشدق بقيادة العالم إلى مشروع قزم كل همه البقاء في السلطة حتى ولو تقلص مداه إلى مثلث، أو دائرة قطرها لا يتعدى القصر الجمهوري.
ثالثاً: الفساد: وبدون الدخول في تفاصيل واتهامات وتداول القصص الأسطورية التي تتندر بها منتديات السُمار في العاصمة والأقاليم حول الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام بأثمان بخسة للمحاسيب والموالين، وبدون الرجوع إلى تقارير المراجع العام، ألا يستحق رئيس الجمهورية المحاسبة والمساءلة عن الكيفية التي منح بها الحركة الشعبية 60 مليون دولار (120 مليار جنيه سوداني بالتمام والكمال)، في الوقت الذي يموت فيه بعض المرضى على أبواب المستشفيات لعدم قدرتهم على دفع رسوم العلاج.
القائمة تطول لتشمل ازدياد الفقر وتدهور البيئة، وترييف المدن وإهمال الريف وتخريب التعليم، وتدهور الزراعة وانهيار الصناعة وغياب الخدمات العامة، وتشويه صورة وعلاقات السودان الخارجية، إلخ إلخ.
وبعد كل هذا وبدون ذرة من حياء تحتفل الإنقاذ بإنقلابها، ويحلم رئيسها بانتخابه رئيسا لفترة أخرى، كأنه لم يسمع عن رجل اسمه/ نلسون مانديلا، وشهرته "ماديبا"،تخلى عن السلطة بعد فترة رئاسية واحدة، وقال قولته الخالدة "البقاء للمؤسسات وليس للأشخاص، مهما كان دورهم".
ومع استحالة المقارنة بين الرجلين، إلا أنني لا أملك إلا أن أقول "عجبي".
مهدي إسماعيل مهدي/ بريتوريا
mahdica2001@yahoo
Friday, July 20, 2007
War & Otherwise …

To further the started discussion about wars, and their accompanying atrocities and their very relevance to today’s complex realities on one hand and the confused emerging humanity measures, I would like to recommend a documentary movie that I had watched recently: The Fog of War. Documentaries are usually straight forward in stating their positions, and have the power of picture manipulation; however, they leave us with a bunch of intercrossing questions and concerns.
The Fog of War was released in December 2003 to tell the life of Robert McNamara, U.S. Secretary of Defense 1961-8, through the use of archival material, and mainly, an interview with McNamara himself. The term "fog of war" refers to the uncertainty that descends over a battlefield once fighting begins. The movie won the Academy Award for Best Documentary Feature for 2003, due to, I guess, its powerful message and the deep lessons that McNamara learned, and presented in detain in the movie, from his experience:
*Empathize with your enemy.
*Rationality will not save us.
*There's something beyond one's self.
*Maximize efficiency.
*Proportionality should be a guideline in war.
*Get the data.
*Belief and seeing are both often wrong.
*Be prepared to reexamine your reasoning.
*In order to do good, you may have to engage in evil.
*Never say never.
*You can't change human nature.
Further points are added to the DVD released later. Reflecting upon the following points will hopefully enrich the open discussions.
Robert McNamara’s Ten Lessons:
1. The human race will not eliminate war in this century, but we can reduce the brutality of war – the level of killing – by adhering to the principles of “proportionality”.
2. The indefinite combination of human fallibility and nuclear weapon will lead to the destruction of nations.
3. We are the most powerful nation in the world – economically, politically and militarily – and we are likely to remain so for decades ahead. But we are not omniscient. If we cannot persuade other nations with similar interests and similar values of the merits o our proposed use of that power, we should not proceed unilaterally except in the unlikely requirement to defend directly the continental U.S., Alaska and Hawaii.
4. Moral principles are often ambiguous guides to foreign policy and defense policy, but surely we can agree that we should establish as a major goal of U.S. foreign policy and, indeed, of foreign policies across the globe: the avoidance in this century of the carnage – 160 million dead – caused by conflict in the 20th century.
5. We, the richest nation in the world, have failed in our responsibility to our own poor and to the disadvantaged across the world to help them advance their welfare in the most fundamental terms of nutrition, literacy, health and employment.
6. Corporate executives must recognize there is no contradiction between a soft hear and a hard head. Of course, they have responsibilities to stockholders, but they also have responsibilities to their employees, their customers and to society as a whole.
7. President Kennedy believed a primary responsibility of a president – indeed “the” primary responsibility pf a president – is to keep the nation out of war, if at all possible.
8. War is a blunt instrument by which to settle disputes between or within nations, and economic sanctions are rarely effective. Therefore, we should build a system of Jurisprudence based on the International Court – that the U.S. has refused to support – which would hold individuals responsible for crimes against humanity.
9. If we are to deal effectively with terrorists across the globe, we must develop a sense of empathy – I don’t mean “sympathy”, but rather “understanding” – to counter their attacks on us and the Western World.
10. One of the greatest dangers we face today is the risk that terrorists will obtain access to weapons of mass destruction as a result of the breakdown of the Non-Proliferation Regime. We in the U.S. are contributing to that breakdown.
The Fog of War was released in December 2003 to tell the life of Robert McNamara, U.S. Secretary of Defense 1961-8, through the use of archival material, and mainly, an interview with McNamara himself. The term "fog of war" refers to the uncertainty that descends over a battlefield once fighting begins. The movie won the Academy Award for Best Documentary Feature for 2003, due to, I guess, its powerful message and the deep lessons that McNamara learned, and presented in detain in the movie, from his experience:
*Empathize with your enemy.
*Rationality will not save us.
*There's something beyond one's self.
*Maximize efficiency.
*Proportionality should be a guideline in war.
*Get the data.
*Belief and seeing are both often wrong.
*Be prepared to reexamine your reasoning.
*In order to do good, you may have to engage in evil.
*Never say never.
*You can't change human nature.
Further points are added to the DVD released later. Reflecting upon the following points will hopefully enrich the open discussions.
Robert McNamara’s Ten Lessons:
1. The human race will not eliminate war in this century, but we can reduce the brutality of war – the level of killing – by adhering to the principles of “proportionality”.
2. The indefinite combination of human fallibility and nuclear weapon will lead to the destruction of nations.
3. We are the most powerful nation in the world – economically, politically and militarily – and we are likely to remain so for decades ahead. But we are not omniscient. If we cannot persuade other nations with similar interests and similar values of the merits o our proposed use of that power, we should not proceed unilaterally except in the unlikely requirement to defend directly the continental U.S., Alaska and Hawaii.
4. Moral principles are often ambiguous guides to foreign policy and defense policy, but surely we can agree that we should establish as a major goal of U.S. foreign policy and, indeed, of foreign policies across the globe: the avoidance in this century of the carnage – 160 million dead – caused by conflict in the 20th century.
5. We, the richest nation in the world, have failed in our responsibility to our own poor and to the disadvantaged across the world to help them advance their welfare in the most fundamental terms of nutrition, literacy, health and employment.
6. Corporate executives must recognize there is no contradiction between a soft hear and a hard head. Of course, they have responsibilities to stockholders, but they also have responsibilities to their employees, their customers and to society as a whole.
7. President Kennedy believed a primary responsibility of a president – indeed “the” primary responsibility pf a president – is to keep the nation out of war, if at all possible.
8. War is a blunt instrument by which to settle disputes between or within nations, and economic sanctions are rarely effective. Therefore, we should build a system of Jurisprudence based on the International Court – that the U.S. has refused to support – which would hold individuals responsible for crimes against humanity.
9. If we are to deal effectively with terrorists across the globe, we must develop a sense of empathy – I don’t mean “sympathy”, but rather “understanding” – to counter their attacks on us and the Western World.
10. One of the greatest dangers we face today is the risk that terrorists will obtain access to weapons of mass destruction as a result of the breakdown of the Non-Proliferation Regime. We in the U.S. are contributing to that breakdown.
Tallal
Subscribe to:
Posts (Atom)